القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكرالصديق رضي الله عنه(1/10)
موقع المستشار - عبد الرحمن هاشم.
"إنني إذ أسطر عن أبي بكر الصديق رضي
الله عنه، لا أسطر لأعلم عنه الجديد.. عن شخصيته ومروءته.. أو عن عبقريته ورقته. ولا
أخط كتابي لبيان شأنه ورفعته .. ولا لرفعة قدره بذكر عظيم شمائله. ولكني أسطر عن
الصديق لأحاول بكلماته ومواقفه بناء نفسي ورفعة قدرها ، وليرفع كل قارئ بمدارسة
كلماته من قدر نفسه أيضا".
بهذه الكلمات قدمت الكاتبة حنان فتحي لكتابها
الجديد: "القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكر الصديق رضي الله
عنه"، مشيرة إلى أنها حينما قلبت أوراق المراجع وتصفحت أمهات كتب سيرة رسول
الله صلى الله عليه وسلم وتوقفت عند خلقه ومواقفه وحبه لأصحابه رضوان الله عليهم
أجمعين لم تجد حباً ووصلاً ورباطاً أجمل ولا أقوى ولا أسمى من وصله صلى الله عليه
وسلم مع صاحبه الأول أبو بكر الصديق!
والكاتبة وهي تفتش في حياة الصديق وتقرأ ما
بين السطور وتتوقف عند وصفه وسمته وفكره وأقواله تدعونا إلى إيقاظ النائمات في
أعماق نفوسنا وإلى التمسك بنهجه والتزام غرزه رضي الله عنه كي ننجح في الحياة كما
نجح وكي يرضى الله عنا كما رضي عنه وأرضاه.
تحت عنوان "ساعة إقبال الناعي يزف الخبر
الحزين" تسوق الكاتبة حنان فتحي قول الله عز وجل في سورة آل
عمران:"وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ
أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ
عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ
الشَّاكِرِينَ( 144 ) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله
كِتَابًا مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن
يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ
(145)". وبأسلوبها الأدبي الرفيع تقول: ها هو أبو بكر يردد الآية متعايشاً
معها بصوته الأسيف ... تكاد الدموع تقطر من عينيه كلما مر عليها.. ويا لها من ذكرى
عطرة.
ذات صباح في يوم السبت لسبع ليال من شوال على
رأس اثنين وثلاثين شهرا من هجرته عليه الصلاة والسلام ... يوم أحُد الغالي ....
تعرض أمام الصديق الآن صورة المبارزين والمقاتلين أبو دجانه ، وحمزة بن عبد المطلب
، و مصعب بن عمير ، ... ويقتل مصعب ، ويحمل اللواء بعده علي ابن أبي طالب رضي الله
عنه ... وهناك أوقع المشركون في المسلمين قتالاً ذريعاً حتى خلص إلى رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فرمُي بالحجارة ، وأصيبت رباعيته ( السن المجاورة للناب ) وشج في
وجهه ... هناك طار قلب الصديق الحائر وحط على وجه رسول الله ، ونفسه دون رسول الله
، لا يبرح مكانه ، وعن يمينه أبو عبيدة بن الجراح وعن يساره أبو طلحه يقول : بأبي
أنت وأمي ، نحري دون نحرك يا رسول الله .
حاول أبو بكر أن يسكت الأفواه التي تردد
الشائعات يومها ... وقد شاع في الناس أن رسول الله قد قتل ، فارتباطه بحبيبه صلى
الله عليه وسلم ارتباط وجود ، ولم يتصور يوما فراقه ونزلت الآية برداً وسلاماً ...
وكانت هذه الشائعة بمثابة التهيئة اليقينية ، فلقد أحدثت شيئاً ما في نفس أبي بكر،
وروحه ، وجعلته يتنبه إلى تلك الحقيقة التي لا مفر منها ، ألا وهي حقيقة الموت.
كان لهذه الشائعة الأثر الايجابي إذ جعلته
يقف بقوة حين حدثت بالفعل ومات رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وينتقل أبو بكر بذاكرته إلى يوم آخر من أيام
الله في فجر يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة ، وتأخذه
ذاكرته للمكان حيث أقصى المدينة "منطقة العالية" حين ذهب إلى هناك ليأخذ
قسطاً من الراحة في بيته بالسنح.. وقتها أقبل الناعي ليبث له الخبر الحزين الذي
ارتعش له فؤاده الطاهر.. واغرورقت بالدموع عيناه " ... مات .... مات ... رسول
الله .... ".
قطع المسافة من بيته بالعالية إلى مسجد رسول
الله صلى الله عليه وسلم على فرسه وأتي حجرة عائشة رضي الله عنها ، حيث مكان
احتضار حبيبه وقرة عينه وكأن الله كتب له هذه المسافة الأرضية والزمنية لتعطيه
مساحة من البوح والجلد ثم ليلملم شجاعته ويستجمع قواه وصبره ... وليظهرهما بعد أن
يرى حبيبه ، ويكشف عن غطاء وجهه وُيملَّي عينيه بنظرة وداع أخيرة وهو مسجي في
ناحية البيت أسفل الجدار، ويمتع أنفه بعبق المسك الذي يفوح منه صلى الله عليه وسلم
ويودعه برقيق الكلمات " طبت حيا وطبت ميتاً يا رسول الله بأبي أنت وأمي ...
لا يجمع الله عليك موتتين ... أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها ".
وسرعان ما يكسو رقة قلبه برداء الجلد والتصبر
، ويخُفي دموعه وشجنه في ثوب الشجاعة ، فلقد انتابه شعور أن هذا الوقت بالذات عليه
أن يحفظ حق صاحبه في موته وفراقه وأنه منوط بحمل الرسالة والمسؤولية التي حملها له
من قبل رفيق الغار، وصفيه وخليله وحبيبه محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم نظر إلى صحابة رسول الله وأهل بيته والناس
من حوله بين باكٍ وشاكٍ ...وبين قائمٍ وقاعدٍ ... وبين تائه ومغشيٍ عليه!!
وإذا به ينهض ، تحمله قدماه صوب الباب
الخارجي ليقف وسط جموع المسلمين ، وكأنه يناجي الحق سبحانه وتعالى ويصفه بأنه هو
الحي الذي لا يموت ثم يردد ...
"" أيها الناس من كان يعبد محمداً فإن
محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت . ""
ثم تلى بصوته الخاشع :
"وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ
خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى
أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا
وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِين وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ
بِإِذْنِ الله كِتَابًا مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ
مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي
الشَّاكِرِينَ".
القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكرالصديق رضي الله عنه(2/10)
موقع المستشار - عبد الرحمن هاشم.
"إنني إذ أسطر عن أبي بكر الصديق رضي
الله عنه، لا أسطر لأعلم عنه الجديد.. عن شخصيته ومروءته.. أو عن عبقريته ورقته.
ولا أخط كتابي لبيان شأنه ورفعته .. ولا لرفعة قدره بذكر عظيم شمائله. ولكني أسطر
عن الصديق لأحاول بكلماته ومواقفه بناء نفسي ورفعة قدرها ، وليرفع كل قارئ بمدارسة
كلماته من قدر نفسه أيضا".
بهذه الكلمات قدمت الكاتبة حنان فتحي لكتابها
الجديد: "القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكر الصديق رضي الله
عنه"، مشيرة إلى أنها حينما قلبت أوراق المراجع وتصفحت أمهات كتب سيرة رسول
الله صلى الله عليه وسلم وتوقفت عند خلقه ومواقفه وحبه لأصحابه رضوان الله عليهم
أجمعين لم تجد حباً ووصلاً ورباطاً أجمل ولا أقوى ولا أسمى من وصله صلى الله عليه
وسلم مع صاحبه الأول وصاحبه بالغار أبو بكر الصديق!
والكاتبة وهي تفتش في حياة الصديق وتقرأ ما
بين السطور وتتوقف عند وصفه وسمته وفكره وأقواله تدعونا إلى إيقاظ النائمات في
أعماق نفوسنا وإلى التمسك بنهجه والتزام غرزه رضي الله عنه كي ننجح في الحياة كما
نجح وكي يرضى الله عنها كما رضي عنه وأرضاه.
تحت عنوان "ساعة شق الصفوف" تسوق
الكاتبة حنان فتحي قول الله عز وجل في سورة آل عمران "لَّذِينَ اسْتَجَابُواْ
لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ ما أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ
مِنْهُمْ وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ" (172)
وبأسلوبها الأدبي الرفيع تقول: ها هو أبو بكر
الصديق يردد الآية متعايشاً معها بصوته الأسيف ... تكاد الدموع تقطر من عينيه كلما
مر عليها.. ويا لها من ذكرى عطرة.
يتذكر القرح.. قرح يوم أحد وحمراء الأسد..
ويتذكر حال جسده النحيل، حين شق الصفوف وسط الميدان الفسيح بحثا عن حبيبه صلى الله
عليه وسلم بعدما أشيع أنه قتل وقد تفرق المسلمون من حوله وتبعثر الصحابة في أرجاء
الميدان، وكان هو أول من وصل إليه، وعلي، وعمر، والزبير، وأبو عبيدة بن الجراح،
وأبو دجانه، وسعد بن أبي وقاص. وتمر أمام الصديق صورة طلحة بن عبيد الله.
فيتنهد قائلاً : " يوم أحد ... ذلك يوم
كله لطلحه .. رأيت رجلاً يقاتل في سبيل الله قلت ... كن طلحة". ويكمل صورة
الذكرى بأبي عبيدة إلى أن انتهوا جميعا حيث النبي وقد كسرت رباعيته، وينتقل
بالذكري إلى فريق المشركين، ويقف أبو سفيان صائحاً: أفي القوم محمد؟ ثلاث مرات.
وينهاهم النبي أن يجيبوه ... ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ ثلاث مرات. فينهاهم
النبي أن يجيبوه ... ثم قال: أفي القوم ابن الخطاب ثلاثاً.
ويتذكر وقت استجابته لرسول الله، واستجابة
سبعين من الصحابة معه وقد أمرهم الرسول مع ما بهم من جراحات وقرح شديد .. الخروج
في أثر المشركين ... فيحمد أبو بكر ربه ... على إتمام نعمته عليه، بتلك الاستجابة
لنداء محمد صلى الله عليه وسلم ثم نزول قرآن بشأنها يتلى إلى يوم القيامة.
ويرددها مرة ثانية بصوته الشجي:
"الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ
وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ ما أَصَابَهُمُ الْقَرْح لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ
وَاتَّقَواْ أَجْرٌ عَظِيمٌ". فجزاك الله خيرا يا أبا بكر ... فقد تعلمنا منك
الاستجابة لأمر الله ولأمر رسوله مهما أصابنا من جراحات وألا نبخل بفعل الخيرات،
بل نشحذ الهمم لندخل في مقام الإحسان، وننال الأجر العظيم من رب العالمين. وندعوه
سبحانه أن يتقبلنا في زمرة هؤلاء الذين استجابوا لله وللرسول.
وتحت عنوان "ساعة الغضب لله ثم المواساة
من الله" تسوق الكاتبة حنان فتحي شريط ذكريات أبي بكر مع الآيات البينات من
سورة آل عمران: "لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ
اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ
الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ (181)
حتى قوله تعالى :
لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ
وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ
وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ
فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ (186)
هنا يتذكرالصديق حين تجمعت أفاعي اليهود في
سرداب من سراديب الشيطان، لينالوا من الحق سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم. وقد
وجد نفسه يقتحم هذا الجو المفعم بالمكر، ويكاد ينقض على تلك الأفاعي، وزعيمهم الذي
يتجمعون حوله ويقول: ويحك يا فنحاص! اتق الله وأسلم فوالله إنك لتعلم أن محمداً
لرسول الله ، قد جاءكم بالحق من عنده، تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة والإنجيل.
ويغضب أبو بكر أكثر ويسرع ليضرب وجهه حين
يسمع هذا الحبر اليهودي يفتري في الحديث ".... والله يا أبا بكر ... ما بنا
إلى فقر .... إنه إلينا لفقير .... وإنا عنه لأغنياء، وما هو عنا بغني ...".
ويغضب أكثر وأكثر ... ويقول: " والذي
نفسي بيده، لولا العهد الذي بيننا وبينكم لضربت رأسك يا عدو الله". ويرتدي
اليهودي رداء المسكنة، ويشكو لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يسأل صاحبة ورفيق
الغار عن أسباب ما صنع فيرد بأدب جم .. يا رسول الله .. إن عدو الله قال قولاً
عظيما إنه زعم أن الله فقير وأنهم أغنياء، فلما قال ذلك غضبت لله مما قال.
ويتفانى اليهودي في مكره ويرمي الصديق بالكذب،
ولكن الله تبارك وتعالى يكشف غطاء المكر، ويصدق الصديق، وينزل فيه قرءاناً يتلى
إلى يوم القيامة من سورة آل عمران ليظهر نقاء قلب أبي بكر وغيرته لله.
قَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ
قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ
وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ .
ويأبى رب السماء إلا أن يمسح ما على جبين
الصديق من آثار الغضب المتبقية على خديه ووجنتيه وعروقه الطاهرة ... لينزل قوله
تعالى:
لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ
وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ
الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ
ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور.
فجزاك الله خيرا يا أبا بكر لما علمتنا من
الغيرة على الحق وألا نخشى في الحق لومة لائم، مهما مكر بنا، وصنع لنا من
الدسائس!!
وإننا والله على نهج مشاعرك الفياضة تجاه
النصرة لله ورسوله واليقين بأن الله يدافع عن المؤمنين.
القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكر الصديق
رضي الله عنه (3/10).
موقع المستشار - عبد الرحمن هاشم.
"إنني إذ أسطر عن أبي بكر الصديق رضي
الله عنه، لا أسطر لأعلم عنه الجديد.. عن شخصيته ومروءته.. أو عن عبقريته ورقته.
ولا أخط كتابي لبيان شأنه ورفعته .. ولا لرفعة قدره بذكر عظيم شمائله. ولكني أسطر
عن الصديق لأحاول بكلماته ومواقفه بناء نفسي ورفعة قدرها ، وليرفع كل قارئ بمدارسة
كلماته من قدر نفسه أيضا".
بهذه الكلمات قدمت الكاتبة حنان فتحي لكتابها
الجديد: "القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكر الصديق رضي الله
عنه"، مشيرة إلى أنها حينما قلبت أوراق المراجع وتصفحت أمهات كتب سيرة رسول
الله صلى الله عليه وسلم وتوقفت عند خلقه ومواقفه وحبه لأصحابه رضوان الله عليهم
أجمعين لم تجد حباً ووصلاً ورباطاً أجمل ولا أقوى ولا أسمى من وصله صلى الله عليه
وسلم مع صاحبه الأول وصاحبه بالغار أبو بكر الصديق!
والكاتبة وهي تفتش في حياة الصديق وتقرأ ما
بين السطور وتتوقف عند وصفه وسمته وفكره وأقواله تدعونا إلى إيقاظ النائمات في
أعماق نفوسنا وإلى التمسك بنهجه والتزام غرزه رضي الله عنه كي ننجح في الحياة كما
نجح وكي يرضى الله عنها كما رضي عنه وأرضاه.
تحت عنوان "ساعة الصعيد الطيب"
تسوق الكاتبة حنان فتحي قول الله عز وجل في سورة النساء "يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ
تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ
تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم
مِّن الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ
صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
عَفُوًّا غَفُورًا" (43).
وبأسلوبها الأدبي الرفيع تقول: ها هو أبو بكر
الصديق يردد الآية متعايشاً معها بصوته الأسيف ... تكاد الدموع تقطر من عينيه كلما
مر عليها.. ويا لها من ذكرى عطرة.
ها هو الصديق يتذكر هؤلاء الذين أقبلوا إليه
يقولون: يا أبا بكرألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله وبالناس معه، وليسوا
على ماء وليس معهم ماء! وهنا أنزل الله قرآنا يتلى إلى يوم القيامة وفيه حكم فقهي
جديد على المسلمين هو التيمم عند فقد الماء للوضوء أو الغسل.
فجزاك الله خيراً يا أبا بكر ... ورضي الله
عنك وعن ابنتك أم المؤمنين عائشة ... فببركتكم يسر الله على أمته أتم التيسير.
ويتذكر أبو بكر الأيام الأولى من دخول رسول
الله صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة والخطر الذي كان يحدق بالمهاجرين وتهديد
قريش المستمر لهم، فكان النبي لا يبيت إلا ساهرا أو في حرس من الصحابة.. يتذكر أبو
بكر تلك الليلة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليت رجلاً صالحاً من
أصحابي يحرسني الليلة!
وإذا بخشخشة سلاح... فقال النبي من هذا؟
سعد بن أبي وقاص.
ما جاء بك يا سعد؟
وقع في نفسي خوف على رسول الله فجئت أحرسه.
فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم.. يتذكر
أبو بكر ذلك وهو يقرأ قول الله عز وجل من سورة المائدة " يَا أَيُّهَا
الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا
بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ
يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ" 67.
وهنا وأخرج رسول الله رأسه من القبة،
وقال" يا أيها الناس، انصرفوا عني فقد عصمني الله عز وجل".
فظل أبو بكر يردد...".. وَاللّهُ
يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ....."" الآية.
وتحت عنوان " ساعة لين القلوب "،
تقول الكاتبة حنان فتحي: ثلاث آيات يتذكر أحداثهن أبو بكر رضي الله عنه.
يتذكر سؤال النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته
يوم بدر.. ما تقولون في هؤلاء الأسرى؟
فقال أبو بكر: يا رسول الله قومك وأهلك
استبقهم واستغن بهم لعل الله أن يتوب عليهم.
وقال عمر: يا رسول الله أخرجوك وكذبوك، قربهم
فاضرب أعناقهم.
فقال الرسول الكريم: إن مثلك يا أبا بكر كمثل
عيسى عليه السلام إذ قال: "إن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن
تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ". وإن مثلك يا عمر
كمثل نوح عليه السلام إذ قال: "وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لا تَذَرْ عَلَى
الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا".
وهنا يتنهد أبو بكر ويصلي ويسلم على رسول
الله الناظر إلى قلوب أصحابه ببصيرته فمنهم من تلين قلوبهم لله وفي الله ومنهم من
تشتد لله وفي الله.
القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكر الصديق رضي الله عنه(4/10).
موقع المستشار - عبد الرحمن هاشم.
"إنني إذ أسطر عن أبي بكر الصديق رضي
الله عنه، لا أسطر لأعلم عنه الجديد.. عن شخصيته ومروءته.. أو عن عبقريته ورقته.
ولا أخط كتابي لبيان شأنه ورفعته .. ولا لرفعة قدره بذكر عظيم شمائله. ولكني أسطر
عن الصديق لأحاول بكلماته ومواقفه بناء نفسي ورفعة قدرها ، وليرفع كل قارئ بمدارسة
كلماته من قدر نفسه أيضا".
بهذه الكلمات قدمت الكاتبة حنان فتحي لكتابها
الجديد: "القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكر الصديق رضي الله
عنه"، مشيرة إلى أنها حينما قلبت أوراق المراجع وتصفحت أمهات كتب سيرة رسول
الله صلى الله عليه وسلم وتوقفت عند خلقه ومواقفه وحبه لأصحابه رضوان الله عليهم
أجمعين لم تجد حباً ووصلاً ورباطاً أجمل ولا أقوى ولا أسمى من وصله صلى الله عليه
وسلم مع صاحبه الأول وصاحبه بالغار أبو بكر الصديق!
والكاتبة وهي تفتش في حياة الصديق وتقرأ ما
بين السطور وتتوقف عند وصفه وسمته وفكره وأقواله تدعونا إلى إيقاظ النائمات في
أعماق نفوسنا وإلى التمسك بنهجه والتزام غرزه رضي الله عنه كي ننجح في الحياة كما
نجح وكي يرضى الله عنها كما رضي عنه وأرضاه.
تحت عنوان " ساعة عرض الإسلام على قبائل
العرب " تخاطب الكاتبة حنان فتحي أبا بكر الصديق فتقول: يريد قومك يا أبا بكر
أن يخرجوك ..... وتريد أنت أن تمضي على الطريق مهما بلغت التضحيات .... ولما كنت
تعين على نوائب الحق فقد راجعوا أنفسهم واشترطوا لبقائك أن تعبد ربك في دارك ولا
تستعلن بصلاتك .!!
ولكن تلاوتك الخاشعة للقرآن وتأثرك العظيم به
أفزع القوم ، فخافوا أن تفتن بدينك الأطفال والنساء وأرسلوا إلى ابن الدغنة وقالوا
: إنا كنا قد أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في حاله وداره ... لكننا
رأيناه .. يعلن بالقراءة والبكاء .
ويأتيك ابن الذغنة ويشترط عليك إما أن تكف عن
ذلك أو أن يفك جواره .. فترد بكل الثقة واليقين في رب العالمين : إني أرد إليك
جوارك وأرضي بجوار الله عز وجل. وظللت يا أبا بكر تردد وتناجي ربك:
أي ربي ما أحلمك
أي ربي ما أحلمك
أي ربي ما أحلمك .
يتذكر نسابة العرب أبو بكر الصديق حين كان يصطحبه
رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعرض نفسه على قبائل العرب ويدعوهم إلى الله
وعبادته وحده لا شريك له . يتذكر أنه كان دائما يخطب في الناس أولاً تمهيداً
وتوطئة لما سوف يُبلّغه الرسول من باب معاونته له وليس تقدماً بين يديه .!!
يتذكر هذه الساعة وهما يمران على قبيلة
" بني شيبان بن ثعلبه " فيشيد بهم إلى رسول الله قائلاً :
" بأبي أنت وأمي ، ليس وراء هؤلاء غدر
من قومهم وهؤلاء غرر الناس وفيهم مفروق بن عمر والمثنى بن حارثة ."
يتذكر أبو بكر الحوار الذي دار بينه وبين
مفروق .
قال أبو بكر:
ـ كيف العدد فيكم ؟!
فقال مفروق:
ـ إنا لا نزيد على الألف ولن تغلب الألف من
قلة.
فقال أبو بكر:
ـ وكيف المنعة فيكم ؟
قال مفروق:
ـ إنا لأشد ما نكون غضباً حين نلقي، وأشد ما
نكون لقاء حين نغضب، وإننا لنؤثر الجياد على الأولاد والسلاح على اللقاح، والنصر
من عند الله يديلنا ، مرة ويديل علينا أخرى. لعلك أخو قريش.
فقال أبو بكر:
ـ إن كان بلغكم أن رسول الله فها هو ذا.
فقال مفروق:
ـ إلام تدعونا يا أخا قريش؟
فقال رسول الله ـ أدعوكم إلى شهادة أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له وإني عبد الله ورسوله. وإلى أن تؤووني وتنصروني فإن قريشاً
قد تظاهرت على الله؛ وكذبت رسوله واستعانت بالباطل على الحق والله هو الغني
الحميد.
فقال مفروق :
ـ وإلام تدعو أيضاً يا أخا قريش، فو الله ما
سمعت كلاماً أحسن من هذا ؟
وهنا كان رد الرسول صلى الله عليه وسلم هو
تلاوة هذه الآية من سورة الأنعام :
قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ
رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ
وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ
وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ
وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ".
فقال مفروق حينها:
ـ دعوت والله إلى مكارم الأخلاق ومحاسن
الأعمال، ولقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك.
فجزاك الله خيراً يا أبا بكر على ذكرياتك
الهنية وإني تعلمت منك هذه الساعة مبدأ التوسع في دائرة التعارف مع المسلمين ومع
غير المسلمين والدعوة إلى مكارم الأخلاق .
والعمل بالآية القرآنية .... نهي عن المحرمات
.... ووصية بالخيرات
القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكر الصديق رضي الله عنه(5/10)
موقع المستشار - عبد الرحمن هاشم.
"إنني إذ أسطر عن أبي بكر الصديق رضي
الله عنه، لا أسطر لأعلم عنه الجديد.. عن شخصيته ومروءته.. أو عن عبقريته ورقته.
ولا أخط كتابي لبيان شأنه ورفعته .. ولا لرفعة قدره بذكر عظيم شمائله. ولكني أسطر
عن الصديق لأحاول بكلماته ومواقفه بناء نفسي ورفعة قدرها ، وليرفع كل قارئ بمدارسة
كلماته من قدر نفسه أيضا".
بهذه الكلمات قدمت الكاتبة حنان فتحي لكتابها
الجديد: "القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكر الصديق رضي الله
عنه"، مشيرة إلى أنها حينما قلبت أوراق المراجع وتصفحت أمهات كتب سيرة رسول
الله صلى الله عليه وسلم وتوقفت عند خلقه ومواقفه وحبه لأصحابه رضوان الله عليهم
أجمعين لم تجد حباً ووصلاً ورباطاً أجمل ولا أقوى ولا أسمى من وصله صلى الله عليه
وسلم مع صاحبه الأول وصاحبه بالغار أبو بكر الصديق!
والكاتبة وهي تفتش في حياة الصديق وتقرأ ما
بين السطور وتتوقف عند وصفه وسمته وفكره وأقواله تدعونا إلى إيقاظ النائمات في
أعماق نفوسنا وإلى التمسك بنهجه والتزام غرزه رضي الله عنه كي ننجح في الحياة كما
نجح وكي يرضى الله عنها كما رضي عنه وأرضاه.
تحت عنوان " ساعة الفطنة " تلفت
الكاتبة حنان فتحي إلى يوم بدر وتحديداً وادي بدر والجيش المكي يواصل سيرة وينزل
قريبا وراء كثيب بالعدوة القصوى، وقد أصبح الجيش الإسلامي في ضيق وحرج بعد أن جاءت
الاستخبارات عن العير والنفير وتأكد لدى النبي الحبيب أنه لابد من اللقاء الدامي
ومن الإقدام بشجاعة وجسارة.. هنا يتذكر أبو بكر انعقاد أول مجلس عسكري استشاري
أعلى برئاسة رسول الله وهو يوضح التطورات المفاجئة وخطورة الوضع الراهن ، ثم
يتبادل الرأي مع عامة جيشه وقادته ليرتاح إلى قبولهم واستعدادهم للقتال ، وخاصة
الأنصار الذين أخذوا مواثيقهم لنصرة النبي فقط داخل المدينة المنورة .
إنه مجتمع جديد، أساسه الشورى، ودعائمه احترام
الجماعة، وتقدير الرغبات والملكات لكل نفس زكاها رسول الله بنور الكتاب والحكمة.
ويتنهد الآن أبو بكر ... وهو يتذكر نزول
الآيتين الكريمتين [كمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ
فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ (5) يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ
بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنظُرُونَ (6)
ـ الأنفال] ويعقد في وجدانه مقارنة بين قلوب الأنصار شديدة الإيمان وقلوب من بقى
من أهل مكة على الشرك والكراهية!
يتذكر أبو بكر ما قاله ساعتها من كلمات ودعا له
رسول الله وما قاله أخيه عمر بن الخطاب ثم المقداد بن عمرو من تأييد للمضي لما
يريده الله ورسول صلى الله عليه وسلم وما كان من دعاء الرسول لهم.. ثم يسمع أبو
بكر بعد كل هذه الردود من قادة المهاجرين، يسمع للمرة الثالثة من رسول الله "
أشيروا عليّ أيها الناس " ويتذكر ساعة الفطنة .... حين فطن إلى مراد رسول
الله قائد الأنصار وحامل لوائهم الذي اهتز عرش الرحمن لموته " سعد بن معاذ
"، قائلاً : " والله ، لكأنك تريدنا يا رسول الله ؟ ".
ورسول الله يرد : " أجل ".
وتمر أمام ذاكرة أبي بكر ـ وهو يبتسم ـ تلك
الكلمات التي تكتب بمداد الذهب والتي سر بها وجدانه أيّما سرور كما سر بها رسول
الله ونشط بها وقال:
" سيروا وابشروا فإن الله تعالى قد
وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني الآن أنظر إلى مصارع القوم".
يردد الآن أبو بكر الآية على مسامعه تارة،
وتارة يعيد بعضا من كلمات أخيه سعد بن معاذ:
" يا رسول الله أمنا بك، صدقناك، شهدنا
أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة فامض
يا رسول الله لما أردت.
لعلك تخشى أن تكون الأنصار ترى حقا عليها ألا
تنصرك إلا في ديارهم وإني أقول عن الأنصار وأجيب عنهم. فاظعن حيث شئت، وصل حبل من
شئت، واقطع حبل من شئت، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه
معك ما تخلف منا رجل واحد."
وما زال أبو بكر يردد الآيتين الكريمتين من
سورة الأنفال ويستحضر صورة الأنصار جميعهم، ويستكمل كلمات أخيه سعد بن معاذ ...
حين تكلم عن العطاء والأخذ قائلاً:
" يا رسول الله .... خذ من أموالنا ما
شئت، وأعطنا ما شئت، وما أخذت منا كان أحب إلينا مما تركت، وما أمرت فيه من أمر
فأمرنا تبعاً لأمرك، إنا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر
به نفسك".
ألا ما أروعك يا سعد .. ألا ما أروعك يا
صديق.. ألا ما أروعكم يا أصحاب محمد... عليكم صلاة الله وسلامه.
القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكر الصديق رضي الله عنه(6/10)
موقع المستشار - عبد الرحمن هاشم.
"إنني إذ أسطر عن أبي بكر الصديق رضي
الله عنه، لا أسطر لأعلم عنه الجديد.. عن شخصيته ومروءته.. أو عن عبقريته ورقته.
ولا أخط كتابي لبيان شأنه ورفعته .. ولا لرفعة قدره بذكر عظيم شمائله. ولكني أسطر
عن الصديق لأحاول بكلماته ومواقفه بناء نفسي ورفعة قدرها ، وليرفع كل قارئ بمدارسة
كلماته من قدر نفسه أيضا".
بهذه الكلمات قدمت الكاتبة حنان فتحي لكتابها
الجديد: "القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكر الصديق رضي الله
عنه"، مشيرة إلى أنها حينما قلبت أوراق المراجع وتصفحت أمهات كتب سيرة رسول
الله صلى الله عليه وسلم وتوقفت عند خلقه ومواقفه وحبه لأصحابه رضوان الله عليهم
أجمعين لم تجد حباً ووصلاً ورباطاً أجمل ولا أقوى ولا أسمى من وصله صلى الله عليه
وسلم مع صاحبه الأول وصاحبه بالغار أبو بكر الصديق!
والكاتبة وهي تفتش في حياة الصديق وتقرأ ما
بين السطور وتتوقف عند وصفه وسمته وفكره وأقواله تدعونا إلى إيقاظ النائمات في
أعماق نفوسنا وإلى التمسك بنهجه والتزام غرزه رضي الله عنه كي ننجح في الحياة كما
نجح وكي يرضى الله عنها كما رضي عنه وأرضاه.
تحت عنوان " ساعة استغاثة واستجابة
وبشرى بالنصر " تلفت الكاتبة حنان فتحي إلى قول الله عز وجل من سورة الأنفال:
" إذ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم
بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)". وتقول: هنا نحن الآن مع أبي
بكر أمام مشهدٍ راسخٍ في ذاكرته وقلبه ووجدانه نتعلم منه درساً ربانياً في التجرد
النفسي والخلوص واللجوء إلى الله في الشدة والسجود بين يديه سبحانه لكي يتنزل
علينا نصره، فيتذكر أبو بكر يوم بدر ومكان العريشة التي أقيمت على تل مشرف على
ساحة القتال لتكون مقر القيادة لنبي الأمة محمد صلى الله عليه وسلم وهو يقوم على
حراسته ويظل شاهراً سيفه كي لا يخلص أحد إلى رسول الله بسوء.
وبعد أن أخذ الرسول بأسباب المعركة ، وباشر
ترتيب الجيش نظر أبو بكر إلى وجه حبيبه المصطفى فإذا به متجها إلى ربه يدعوه
ويتضرع إليه ويناشده النصر الذي وعده .. يدعو ويدعو .. ويستغيث حتى سقط رداؤه ،
وحمله الصديق ورده على منكبيه وهو يردد :
" يا رسول الله ، كفاك مناشدتك ربك ..
فإنه منجز لك وعده".
والنبي ما زال يدعو ... ويدعو :
" اللهم أنجز لي ما وعدتني ... اللهم إن
تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبداً اللهم إني أنشدك عهدك
ووعدك".
وأبو بكر يعود يشد من أزره :
" حسبك الله ... حسبك الله ".
ويتذكر أبو بكر أن النبي خفق وهو في تلك
العريشة خفقة ثم انتبه وقال له :
" أبشر يا أبا بكر .... أتاك نصر الله
... هذا جبريل أخذ بعنان فرسه يقوده ، على ثناياه النقع ( الغبار ).
ثم يخرج وتشتد المعركة وأبو بكر لا يفارق
حبيبه وهو يتأمل شجاعته. فجزاك الله خيراً يا أبا بكر، وإنا لنتعلم منك الزود عن
كل ذي قدوة غيور على دينه عاملاً من أجل نصرة إسلامه.
القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكرالصديق رضي الله عنه(7/10)
موقع المستشار - عبد الرحمن هاشم.
"إنني إذ أسطر عن أبي بكر الصديق رضي
الله عنه، لا أسطر لأعلم عنه الجديد.. عن شخصيته ومروءته.. أو عن عبقريته ورقته.
ولا أخط كتابي لبيان شأنه ورفعته .. ولا لرفعة قدره بذكر عظيم شمائله. ولكني أسطر
عن الصديق لأحاول بكلماته ومواقفه بناء نفسي ورفعة قدرها ، وليرفع كل قارئ بمدارسة
كلماته من قدر نفسه أيضا".
بهذه الكلمات قدمت الكاتبة حنان فتحي لكتابها
الجديد: "القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكر الصديق رضي الله
عنه"، مشيرة إلى أنها حينما قلبت أوراق المراجع وتصفحت أمهات كتب سيرة رسول
الله صلى الله عليه وسلم وتوقفت عند خلقه ومواقفه وحبه لأصحابه رضوان الله عليهم
أجمعين لم تجد حباً ووصلاً ورباطاً أجمل ولا أقوى ولا أسمى من وصله صلى الله عليه
وسلم مع صاحبه الأول وصاحبه بالغار أبو بكر الصديق!
والكاتبة وهي تفتش في حياة الصديق وتقرأ ما بين
السطور وتتوقف عند وصفه وسمته وفكره وأقواله تدعونا إلى إيقاظ النائمات في أعماق
نفوسنا وإلى التمسك بنهجه والتزام غرزه رضي الله عنه كي ننجح في الحياة كما نجح
وكي يرضى الله عنها كما رضي عنه وأرضاه.
تحت عنوان " ساعة الغنيمة " تدعو
الكاتبة حنان فتحي إلى تدبر قول الله تعالى في سورة الأنفال : " ما كانَ
لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ
عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
(67)لولاَ كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ
عَظِيمٌ (68) َفكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ
إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (69). وتتذكر مشورة أبو بكر لرسول الله في شأن
أسرى بدر وقوله : " يا رسول الله هم بنو العم والعشرة أرى أن نأخذ منهم فدية
فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله أن يهديهم إلى الإسلام ".
وتتذكر مشورة عمر التي اختلفت مع رأي أبي بكر
: " لا والله ، يا رسول الله ، ما أرى الذي يراه أبو بكر ، ولكني أرى أن
تمكنا منهم فنضرب أعناقهم ".
وكان النبي يومها يؤيد رأي أبي بكر، وفي الغد
... مر عمر على النبي وأبي بكر ، وهما قاعدين يبكيان ... ولما سأل عمر عن سبب
البكاء وقال: يا رسول الله أخبرني عن أي شيء تبكي أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت،
وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما!!
وكان الرد من ر سول الله صلى الله عليه وسلم:
أبكي لهذه الآيات التي أنزلت علي: " ما كانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ
أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ... الآيات".
وتحت عنوان " ساعة إعلام الناس
بالقوانين الربانية " تسرد الكاتبة أحداث إمارة أبي بكر على الحج بتكليف من
رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف جاءه علي بن أبي طالب بعد أيام ليبلغ عن رسول
الله الآيات التي تبين نقض المواثيق ونبذها على سواء وكان ذلك في العام التاسع من
الهجرة.. ويبعث أبو بكر رجاله ومعهم أبو هريرة رضي الله عنه لمساعدة علي رضي الله
عنه في مهمته لإعلام الناس بهذه القوانين الربانية:
"" ألا يحج بعد هذا العام مشرك ...
ولا يطوف بالبيت عريان ....
ولا يدخل الجنة إلا مؤمن ...
ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فعهده إلى
مدته".. قال تعالى : " بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى
الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ
أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ
اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى
النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ
وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ
فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ
بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) ِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ
لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ
إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ
(4)".
فهنيئاً لك يا صديق هذه الأمة.. يا صاحب
النبي المصطفى ، ويا ثاني اثنين في الغار .. يا أمير رسول الله على الحج يا من لك
اصطفاء في الصحبة ، واصطفاء في المعية ، رضيت عن الله فرضي عنك وأرضاك وجعل لك
ذكراً في العالمين.
القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكر الصديق رضي الله عنه(7/10)
موقع المستشار - عبد الرحمن هاشم.
"إنني إذ أسطر عن أبي بكر الصديق رضي
الله عنه، لا أسطر لأعلم عنه الجديد.. عن شخصيته ومروءته.. أو عن عبقريته ورقته.
ولا أخط كتابي لبيان شأنه ورفعته .. ولا لرفعة قدره بذكر عظيم شمائله. ولكني أسطر
عن الصديق لأحاول بكلماته ومواقفه بناء نفسي ورفعة قدرها ، وليرفع كل قارئ بمدارسة
كلماته من قدر نفسه أيضا".
بهذه الكلمات قدمت الكاتبة حنان فتحي لكتابها
الجديد: "القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكر الصديق رضي الله
عنه"، مشيرة إلى أنها حينما قلبت أوراق المراجع وتصفحت أمهات كتب سيرة رسول
الله صلى الله عليه وسلم وتوقفت عند خلقه ومواقفه وحبه لأصحابه رضوان الله عليهم
أجمعين لم تجد حباً ووصلاً ورباطاً أجمل ولا أقوى ولا أسمى من وصله صلى الله عليه
وسلم مع صاحبه الأول وصاحبه بالغار أبو بكر الصديق!
والكاتبة وهي تفتش في حياة الصديق وتقرأ ما
بين السطور وتتوقف عند وصفه وسمته وفكره وأقواله تدعونا إلى إيقاظ النائمات في
أعماق نفوسنا وإلى التمسك بنهجه والتزام غرزه رضي الله عنه كي ننجح في الحياة كما
نجح وكي يرضى الله عنها كما رضي عنه وأرضاه.
تحت عنوان " ساعة الغنيمة " تدعو
الكاتبة حنان فتحي إلى تدبر قول الله تعالى في سورة الأنفال : " ما كانَ
لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ
عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ
(67)لولاَ كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ
عَظِيمٌ (68) َفكُلُواْ مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّبًا وَاتَّقُواْ اللَّهَ
إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (69). وتتذكر مشورة أبو بكر لرسول الله في شأن
أسرى بدر وقوله : " يا رسول الله هم بنو العم والعشرة أرى أن نأخذ منهم فدية
فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله أن يهديهم إلى الإسلام ".
وتتذكر مشورة عمر التي اختلفت مع رأي أبي بكر
: " لا والله ، يا رسول الله ، ما أرى الذي يراه أبو بكر ، ولكني أرى أن
تمكنا منهم فنضرب أعناقهم ".
وكان النبي يومها يؤيد رأي أبي بكر، وفي الغد
... مر عمر على النبي وأبي بكر ، وهما قاعدين يبكيان ... ولما سأل عمر عن سبب
البكاء وقال: يا رسول الله أخبرني عن أي شيء تبكي أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت،
وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما!!
وكان الرد من ر سول الله صلى الله عليه وسلم:
أبكي لهذه الآيات التي أنزلت علي: " ما كانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ
أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ... الآيات".
وتحت عنوان " ساعة إعلام الناس
بالقوانين الربانية " تسرد الكاتبة أحداث إمارة أبي بكر على الحج بتكليف من
رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف جاءه علي بن أبي طالب بعد أيام ليبلغ عن رسول
الله الآيات التي تبين نقض المواثيق ونبذها على سواء وكان ذلك في العام التاسع من
الهجرة.. ويبعث أبو بكر رجاله ومعهم أبو هريرة رضي الله عنه لمساعدة علي رضي الله
عنه في مهمته لإعلام الناس بهذه القوانين الربانية:
"" ألا يحج بعد هذا العام مشرك ...
ولا يطوف بالبيت عريان ....
ولا يدخل الجنة إلا مؤمن ...
ومن كان بينه وبين رسول الله عهد فعهده إلى
مدته".. قال تعالى : " بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى
الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ (1) فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ
أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ
اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2) وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى
النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ
وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ
فَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُواْ
بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3) ِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ
لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّواْ
إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ
(4)".
فهنيئاً لك يا صديق هذه الأمة.. يا صاحب
النبي المصطفى ، ويا ثاني اثنين في الغار .. يا أمير رسول الله على الحج يا من لك
اصطفاء في الصحبة ، واصطفاء في المعية ، رضيت عن الله فرضي عنك وأرضاك وجعل لك
ذكراً في العالمين.
القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكر الصديق رضي الله عنه(8/10)
موقع المستشار - عبد الرحمن هاشم.
"إنني إذ أسطر عن أبي بكر الصديق رضي
الله عنه، لا أسطر لأعلم عنه الجديد.. عن شخصيته ومروءته.. أو عن عبقريته ورقته. ولا
أخط كتابي لبيان شأنه ورفعته .. ولا لرفعة قدره بذكر عظيم شمائله. ولكني أسطر عن
الصديق لأحاول بكلماته ومواقفه بناء نفسي ورفعة قدرها ، وليرفع كل قارئ بمدارسة
كلماته من قدر نفسه أيضا".
بهذه الكلمات قدمت الكاتبة حنان فتحي لكتابها
الجديد: "القول المثمر لصاحب الرضوان الأكبر أبو بكر الصديق رضي الله
عنه"، مشيرة إلى أنها حينما قلبت أوراق المراجع وتصفحت أمهات كتب سيرة رسول
الله صلى الله عليه وسلم وتوقفت عند خلقه ومواقفه وحبه لأصحابه رضوان الله عليهم
أجمعين لم تجد حباً ووصلاً ورباطاً أجمل ولا أقوى ولا أسمى من وصله صلى الله عليه
وسلم مع صاحبه الأول وصاحبه بالغار أبو بكر الصديق!
والكاتبة وهي تفتش في حياة الصديق وتقرأ ما
بين السطور وتتوقف عند وصفه وسمته وفكره وأقواله تدعونا إلى إيقاظ النائمات في أعماق
نفوسنا وإلى التمسك بنهجه والتزام غرزه رضي الله عنه كي ننجح في الحياة كما نجح
وكي يرضى الله عنها كما رضي عنه وأرضاه.
تحت عنوان " ساعة الصحبة " تدعو
الكاتبة حنان فتحي إلى تدبر قول الله تعالى في سورة التوبة : [إِلاَّ تَنصُرُوهُ
فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ
إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ
مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ
تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ
هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)]
وتتذكر أبا بكر حين طرق عليه رسول الله صلى
الله عليه وسلم بابه في وقت الهاجرة مغطياً وجهه وهي ساعة قلما أتى فيها رسول الله
منزل أبي بكر.
خفق قلب أبو بكر حين طلب منه النبي بعد أن
استراح وجلس على سريره أن يخرج أي غريب من البيت.. وعندما اطمأن رسول الله قال:
"إنه قد أذن لي في الخروج والهجرة".
وانطلق لسان الصديق بالهتاف والفرحة ودموعه
بين عينيه: الصحبة يا رسول الله.. فأجابه الرسول: الصحبة يا أبا بكر.
ثم أسرع الخطى ليقدم ما أعده لهذا اليوم قائلاً
ومشيراً إلى دابتين: يا نبي الله هاتان راحلتان كنت قد أعددتهما لهذا اليوم.
ويتذكر ابنتيه عائشة وأسماء وهما تجهزان لهما
سفرة الطعام في جراب وكأن ابنته أسماء أمامه الآن وهي تقطع قطعة من نطاقها وتربط
به على فم الجراب ثم تمر عليه الليالي الثلاث وهو داخل الغار بجبل ثور ومعه حبيبه
صلى الله عليه وسلم.
ومن الأماكن، تأتي صورة "الحزورة"
في سوق مكة حين وقف عندها النبي صلى الله عليه وسلم مخاطباً مكة بقوله:
"والله إنك خير أرض الله . وأحب أرض الله إلى الله ولولا إني أخرجت منك ما
خرجت".
ويتذكر وقت لدغته الحية وكيف استطاع كتمان
ألمه كي لا يوقظ رسول الله الذي توسد فخذه!
ولما سقطت دموعه على وجه الرسول انتبه وقال:
مالك يا أبا بكر.
قال: لدغت فداك أبي وأمي .. فدعا له الرسول
قائلاً: " اللهم اجعل أبا بكر في درجتي يوم القيامة ".
ويتذكر أبو بكر ما قاله لحبيبه وهما يمشيان
حين تعجب النبي من فعله ومدى إحاطته له وخوفه عليه.. يقول أبو بكر: " يا رسول
الله .. أذكر الرصد فأكون أمامك، وأذكر الطلب فأكون خلفك، ومرة عن يمينك ومرة عن
يسارك، لا آمن عليك".
تنهد الصديق حين أعاد إلى مشاعره ، تلك
المشاعر الجياشة الممزوجة بالخوف على رسول الله وقت إحاطة المشركون بالغار ويعيد
إلى مسامعه قولته " لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا".
فيرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم: "
ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما".
ويتذكر أبو بكر أن رسول الله أقام بقباء
أربعة أيام هي الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس ليؤسس المسجد "قباء"
وليكون أول مسجد أسس على التقوى بعد النبوة.
ويعود أبو بكر بذاكرته إلي اليوم الخامس وهو
يوم الجمعة، وقد ركب ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قدم أخواله من "
بني النجار " يحملون سيوفهم يحيطون به في سيره نحو المدينة وعندما أدركته الجمعة
في بني سالم، جمع بهم في المسجد الذي في بطن الوادي.
يتذكر أبو بكر أن عددهم في هذه الساعة كان
مائة رجل، فيحمد الله على ذلك ويحمده على جميل نعمه بأن جعل له رسول الله صاحباً.
فهنيئاً لك يا صديق الأمة.. وهنيئاً لكل مسلم
صحب النبي صلى الله عليه وسلم صحبة معنوية بأن استصحبه في يقظته وفي منامه وفي
غدوه وفي رواحه وفي تعاملاته مع الناس وفي كل شؤون حياته.